الإقتصاد السعودي 2025 يتجاوز التوقعات.. ما دور القطاعات غير النفطية؟

يشهد الإقتصاد السعودي تحولًا تاريخيًا يعكس نجاح رؤية السعودية 2030 في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، وتقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للناتج المحلي.

تظهر البيانات الأخيرة والتقارير الرسمية أن المملكة أصبحت نموذجًا للصمود والتحول الاستراتيجي، رغم التحديات الاقتصادية العالمية، بفضل التوسع في الأنشطة غير النفطية، وتعزيز البنية التحتية، وتحفيز القطاع الخاص.

رفع التوقعات: صندوق النقد الدولي يشيد بالمرونة السعودية

للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الإقتصاد السعودي لعام 2025، في دلالة واضحة على الثقة الدولية بمتانة الاقتصاد الوطني.

ووفقًا لتقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر في أكتوبر 2025، يتوقع الصندوق أن يسجل اقتصاد السعودية نموًا بنسبة 4% لعامي 2025 و2026، بزيادة قدرها 0.4 و0.1 نقطة مئوية مقارنة بتقديرات شهر يوليو الماضي.

وأوضح رئيس بعثة الصندوق إلى المملكة، أمين ماتي، أن هذا التحسن يعكس مرونة الإقتصاد السعودي في مواجهة التقلبات العالمية، وتحسن عائدات النفط، إلى جانب النمو المتسارع للأنشطة غير النفطية التي باتت تمثل المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني.

ويأتي ذلك بالتوازي مع ازدهار قطاعات الاستثمار المختلفة في المملكة، مثل العقار في المدن الكبرى، حيث تزداد جاذبية ادوار للايجار مكة والمدينة على سبيل المثال  بوصفها فرصة واعدة للمستثمرين الذين يسعون لتنويع محافظهم الاستثمارية في بيئة اقتصادية مستقرة.

دور وزارة المالية: نمو متوازن وسياسات إنفاق ذكية

توقعت وزارة المالية السعودية أن يحقق الاقتصاد نموًا قدره 4.4% خلال عام 2025، مدعومًا بنمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 5% تقريبًا، مع استمرار التحسن في القطاعات الخدمية والصناعية.

أما في عام 2026، فتشير التقديرات الأولية إلى تحقيق نمو حقيقي بنحو 4.6%، بفضل مواصلة الإصلاحات المالية والهيكلية التي تهدف إلى دعم القطاعات الإنتاجية، وتحفيز بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي.

وأكدت الوزارة في بيانها التمهيدي للميزانية العامة لعام 2026 أن سياسة الإنفاق الحكومي باتت أكثر تركيزًا على الأولويات الوطنية ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي، بما يعزز من تنويع القاعدة الاقتصادية ويحقق مستهدفات رؤية 2030.

ويظهر أثر هذه السياسات بوضوح في ارتفاع الطلب على العقارات مثل  شقق تمليك بجدة ب 200 الف و 300 ألف، حيث يسعى المواطنون والمستثمرون للاستفادة من النمو العقاري المتسارع والفرص التمويلية الميسّرة التي تدعم تملك السكن وتحفيز السوق المحلية.

القطاعات غير النفطية تتصدر المشهد الاقتصادي

أظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية نما بنسبة 3.9% في الربع الثاني من 2025 مقارنة بالربع نفسه من العام السابق، نتيجة الأداء الإيجابي لكافة القطاعات الاقتصادية.

فقد سجلت:

• الأنشطة غير النفطية نموًا بنسبة 4.6%،
• نمت الأنشطة النفطية بنسبة 3.8%،
• سجلت الأنشطة الحكومية نموًا طفيفًا بنحو 0.6%.

وأشارت التقديرات إلى أن مساهمة الأنشطة غير النفطية بلغت 2.6 نقطة مئوية من إجمالي نمو الناتج المحلي، ما يعكس الدور القيادي لهذه القطاعات في قيادة دفة التحول الاقتصادي الوطني.

ويأتي هذا النمو متزامنًا مع التحول الرقمي الكبير الذي تشهده المملكة، إذ تسهم تطبيقات وطنية مثل تطبيق كلنا امن في تعزيز بيئة الأمان والاستقرار، مما ينعكس إيجابًا على ثقة المستثمرين واستدامة النمو الاقتصادي.

الصادرات غير النفطية: رهان ناجح ونتائج مبهرة

تشير بيانات التجارة الدولية إلى أن الصادرات غير النفطية حققت قفزة نوعية في الإقتصاد السعودي خلال يوليو 2025، حيث ارتفعت بنسبة 30.4% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ما يؤكد نجاح المملكة في تنويع مصادر الدخل القومي.

وتوضح الأرقام أن الآلات والمعدات الكهربائية وأجزاؤها تصدرت قائمة الصادرات غير النفطية، مسجلة زيادة تتجاوز 200% لتشكل نحو 30% من إجمالي الصادرات.

كما واصلت الصناعات الكيماوية أداءها القوي بنسبة نمو بلغت 0.9%، محافظةً على مساهمتها البالغة 19% من إجمالي الصادرات.

أما السلع المعاد تصديرها، فقد سجلت زيادة مذهلة بنسبة 111%، في مؤشر واضح على تحول المملكة إلى مركز إقليمي للتجارة وإعادة التصدير بفضل تطوير الموانئ والمناطق الاقتصادية الخاصة، التي باتت توازي في قوتها بعض المراكز العالمية.

ويمكن ملاحظة هذا الازدهار أيضًا في قطاع الضيافة والسكن، حيث يطرح تساؤل متكرر بين الزوار والمقيمين حول أيهما أفضل، فنادق أم شقق للايجار اليومي؟ في ظل ازدهار البنية التحتية السياحية في المملكة.

تحسن الميزان التجاري وارتفاع الفائض

انعكست هذه المؤشرات الإيجابية على الفائض التجاري الذي ارتفع بأكثر من 50% خلال عام واحد، نتيجة ارتفاع الصادرات وتراجع الواردات بنسبة 2.5%.

ارتفعت أيضًا نسبة الصادرات غير النفطية إلى الواردات من 33.4% إلى 44.6%، بينما انخفضت حصة الصادرات البترولية من 72.8% إلى 67.1%، ما يوضح التحول الحقيقي في هيكل الاقتصاد الوطني.

رؤية 2030 تجذب الشركات العالمية وتدعم الاقتصاد المحلي

بفضل الإصلاحات الاقتصادية والبنية التحتية الحديثة، اختارت أكثر من 660 شركة عالمية المملكة مقرًا إقليميًا لها، متجاوزة مستهدفات رؤية 2030.

وقد ساهمت هذه الخطوة في تعزيز سوق العمل المحلي، ونقل الخبرات الدولية، وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات غير مسبوقة.

وتتوزع هذه الفرص الاستثمارية في مختلف مناطق المملكة، حيث يمكن للمهتمين بالاستثمار الاطلاع على خريطة مدن السعودية للتعرف على أبرز المراكز الاقتصادية الواعدة ومواقع المشاريع الكبرى التي تقود مستقبل التنمية.

صندوق النقد ووكالة S&P: ثقة متزايدة بالإقتصاد السعودي

أشاد صندوق النقد الدولي بقدرة الإقتصاد السعودي على الصمود أمام الصدمات الخارجية، مؤكدًا أن الناتج المحلي غير النفطي نما بنسبة 4.5% خلال 2024، مدفوعًا بقطاعات التجزئة، والضيافة، والبناء.

كما أشار إلى أن الطلب المحلي القوي، والمشروعات الحكومية الكبرى، سيظلان محركين رئيسيين لنمو الإقتصاد السعودي في السنوات المقبلة بمعدل يتجاوز 3.5%.

من جانبها، توقعت وكالة S&P Global نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 3.5% بين عامي 2025 و2028، بدعم من الاستثمارات الضخمة في مشاريع رؤية 2030، وزيادة تدفقات الاستثمارات الخاصة والأجنبية، مما يعزز التصنيف الائتماني ويؤكد متانة المالية العامة للمملكة.

التحول الهيكلي: من التنويع إلى التمكين

لقد تجاوزت المملكة مرحلة تنويع الاقتصاد إلى مرحلة التمكين الاقتصادي، حيث أصبحت الأنشطة غير النفطية تشكل المحرك الرئيسي لنمو الإقتصاد السعودي، وتحقق مساهمات متزايدة في الناتج المحلي الإجمالي.

كما ساهمت الاستثمارات الضخمة في مجالات الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والتقنيات المتقدمة في تعزيز موقع المملكة كمركز عالمي للطاقة النظيفة والابتكار الصناعي.

في الختام، يقف الإقتصاد السعودي اليوم كأحد أكثر الاقتصادات قوة واستدامة في العالم، مدعومًا برؤية استراتيجية وبنية تحتية رقمية وصناعية متقدمة.

فالمملكة لم تعد مجرد قوة نفطية تقليدية، بل تحولت إلى قوة إنتاجية واستثمارية عالمية تجمع بين الابتكار، والكفاءة، والتنافسية.

المصادر

• موقع العربية.
• موقع الشرق الأوسط.
• موقع أرقام.
• موقع ألفا بيتا.
• موقع جريدة الرياض.

الأسئلة الشائعة حول الإقتصاد السعودي ونموه في 2025

ما أبرز توقعات صندوق النقد الدولي للإقتصاد السعودي لعام 2025؟
يتوقع نمو الاقتصاد بنسبة 4% بفضل توسع الأنشطة غير النفطية وتخفيض إنتاج النفط تدريجيًا.

ما القطاعات غير النفطية التي قادت النمو السعودي؟
أبرزها الصناعة، والبناء، والتجارة، الضيافة، والتقنيات الحديثة.

كم بلغت نسبة نمو الصادرات غير النفطية؟
ارتفعت بنسبة 30.4% مقارنة بالعام الماضي.

كيف أثرت رؤية السعودية 2030 على الاقتصاد؟
قللت الاعتماد على النفط، وجذبت الاستثمارات، ودعمت التنويع الاقتصادي.

ما مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي؟
تشكل نحو 56% من الناتج المحلي الإجمالي.

ما أهم الصادرات غير النفطية في 2025؟
الآلات والمعدات الكهربائية، تليها الصناعات الكيماوية.

كم عدد الشركات العالمية التي اتخذت السعودية مقرًا إقليميًا؟
أكثر من 660 شركة عالمية، متجاوزة مستهدفات رؤية 2030.

ما توقعات وكالة S&P Global؟
نمو الناتج المحلي بنحو 3.5% بين 2025 و2028 بفضل المشاريع الكبرى.

ما الذي يميز الإقتصاد السعودي عن اقتصادات المنطقة؟
مرونته العالية، وتنوعه، وقدرته على الصمود أمام الأزمات.